في قلب الصحراء المغربية، وتحديدا من مدينة محاميد الغزلان التي تلامس تخوم الروح بجمالها الصحراوي الخالص، وُلد نور الدين بوگراب، ليكون شاهدًا على إرثٍ بدويّ عريق، وفاعلا مدنيا وثقافيا أعاد إلى الذاكرة الجماعية سيرة الرحّل وقيم التعايش والتنوع الثقافي.

ينتمي بوگراب إلى أسرة بدوية أصيلة، عايش تفاصيل الحياة الصحراوية عن قرب، فصاغ من تجربته الإنسانية مسارا غنيا في العمل الجمعوي والثقافي. بفضل رؤيته العميقة، أصبح من أبرز الوجوه المؤثرة في المشهد الثقافي بالجنوب الشرقي المغربي، لا سيما من خلال تأسيسه وإدارته لـمهرجان الرحل الدولي سنة 2004، الذي تحول مع الزمن إلى تظاهرة ثقافية دولية تجمع الفن والتاريخ، وتكرّس ثقافة الحوار والانفتاح، مع الدفاع عن القيم الإنسانية التي تضع نصب عينيها حقوق أجيال المستقبل، من خلال مبادرات بيئية متفردة.

وهكذا لم يكن المهرجان مجرد احتفالية عابرة، بل شكل محطة سنوية للقاء الفنّانين والباحثين والمهتمين من مختلف بقاع العالم، وجعل من محاميد الغزلان منارة للتراث اللامادي ونقطة إشعاع ثقافي. وساهم بوگراب في خلق دينامية محلية فريدة من نوعها، تهدف إلى حماية التراث وتحويله إلى رافعة للتنمية المستدامة، حيث وحّد بين الإبداع والعمل الميداني.

بصماته الثقافية لم تقف عند حدود المهرجان، بل امتدت إلى مشاركات فعالة في حوارات وطنية ودولية، مدافعا عن قضايا الثقافة والبيئة والتنمية في المناطق الهشة، مؤمنا بأن الثقافة ليست فقط مرآة للهوية، بل أيضا أداة جوهرية للتغيير الإيجابي والتمكين المجتمعي.

نور الدين بوگراب هو تجسيد لفكرة أن الثقافة حين تنبع من الأرض، تصبح قادرة على مدّ الجسور بين الشعوب، وتمنح المجتمعات أملًا في غدٍ أكثر إنصافا وازدهارا.