الملك محمد السادس يجدد دعم القضية الفلسطينية ويذكر باحترام سيادة الدول

وجه جلالة الملك محمد السادس خطابا إلى القمة الرابعة والثلاثين لجامعة الدول العربية، التي انطلقت أشغالها اليوم السبت بالعاصمة العراقية بغداد، وقد تلاه ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.
وتميز الخطاب الملكي بمواقف حازمة ومبادرات ملموسة في وجه الأزمات المتفاقمة بالمنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، إلى جانب الوضع المتأزم في ليبيا وسوريا والسودان واليمن ولبنان، فضلا عن دعوة صريحة إلى إصلاح منظومة العمل العربي المشترك وتعزيز التكامل الاقتصادي.
في مستهل خطابه، أعرب جلالة الملك محمد السادس عن تضامنه العميق مع الشعب الفلسطيني، منددا بـالوضع المأساوي الذي تعرفه الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والذي يخلف يوميا عشرات الضحايا من المدنيين العزل.
وفي هذا الصدد، دعا جلالة الملك إلى اتخاذ خمس خطوات عاجلة متمثلة في الوقف الفوري للعمليات العسكرية، والعودة إلى طاولة المفاوضات لإحياء اتفاق الهدنة، ووقف الاعتداءات في الضفة الغربية، خاصة هدم المنازل وترحيل السكان، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عرقلة، وإطلاق خطة إعادة الإعمار تحت إشراف السلطة الفلسطينية وبمواكبة عربية ودولية.
كما شدد جلالة الملك محمد السادس على ضرورة دعم وكالة “الأونروا”، والدفاع عن القدس الشريف من خلال لجنة القدس، التي يرأسها، مؤكدا استمرار وكالة بيت مال القدس في تنزيل مشاريع ميدانية لتحسين أوضاع المقدسيين.
من جهة أخرى؛ أعلن الخطاب الملكي أن المغرب قرر إعادة فتح سفارته في دمشق، التي كانت قد أُغلقت في 2012، مؤكدا دعم المملكة لحقوق الشعب السوري في الحرية والأمن والاستقرار، وكذا حرصها على وحدة سوريا الترابية وسيادتها الوطنية.
وبخصوص الأزمة الليبية، جدد جالة الملك محمد السادس التزام المملكة بمواصلة جهود الوساطة وتيسير الحوار بين الفرقاء الليبيين، مشددا على أن المغرب سيظل فاعلا إيجابيا في المسار السلمي لإيجاد حل دائم للأزمة.
ولم يفوت جلالة الملك انعقاد القمة العربية دون التطرق لمخاطر التدخلات الخارجية واحتضان الحركات الانفصالية، داعيا إلى الالتزام بمبادئ حسن الجوار، واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، مشيرا إلى أن “الحركات الانفصالية تبرأ منها التاريخ ولم يعد لها مكان في العالم الراهن”.
كما أكد جلالة الملك محمد السادس أن نجاح العمل العربي المشترك يظل رهينا باستكمال ورش إصلاح جامعة الدول العربية، بما يجعلها أكثر قدرة على التفاعل مع التحديات، والاستجابة لتطلعات الشعوب العربية في التنمية والاستقرار.
وفي الشق الاقتصادي، أشار الخطاب الملكي إلى أن النمو في المنطقة العربية لم يتجاوز 1,9% سنة 2024، منتقدا ضعف التكامل الاقتصادي، وهزالة التبادل التجاري والاستثمارات البينية، ولفت الانتباه إلى أن شمال إفريقيا تظل الأقل اندماجا في الوطن العربي، معربا عن أسف المغرب لعدم قيام اتحاد المغرب العربي بدوره المنتظر، خاصة في ما يخص حرية تنقل الأشخاص ورؤوس الأموال والسلع، داعيا إلى الاستثمار في الطاقات المتجددة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مؤكدا أن هذه القطاعات تشكل فرصة استراتيجية للتنمية المستدامة.
وقد عبر جلالة الملك محمد السادس، أيضا عن انشغال المغرب بالتطورات في اليمن والسودان ولبنان، مؤكدا انخراط المملكة في كل المبادرات الهادفة إلى إرساء السلام والاستقرار، عبر الحوار والوسائل السلمية.
في ختام خطابه، جدد جلالة الملك محمد السادس استعداد المغرب الكامل للانخراط في أي دينامية عربية ترتقي بالعمل العربي المشترك، وتخدم تطلعات الشعوب العربية إلى الأمن والازدهار، مؤكدا بذلك ثوابت السياسة الخارجية المغربية القائمة على دعم القضايا العربية العادلة، والدفاع عن السلم والحوار، وإرساء تعاون عربي أكثر نجاعة وتكافؤا.