نادية فتاح: حكامة المقاولات العمومية رافعة أساسية للإصلاح وتحديات النجاعة تتطلب آليات جديدة

أكدت نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، أن المغرب راكم تجربة قوية في مجال حكامة المؤسسات والمقاولات العمومية، بفضل سنوات من الإصلاحات والمبادرات الهيكلية، مشيرة إلى أن المرحلة الراهنة تفرض تحديات جديدة تتعلق بتحقيق النجاعة، تعزيز الشفافية، وضمان أثر اجتماعي واقتصادي ملموس.
جاء ذلك خلال افتتاح ندوة خصصت لتقديم المبادئ التوجيهية الجديدة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) بشأن حكامة المؤسسات العمومية، والتي نظمت بشراكة بين الوزارة، والوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية (ANGSPE)، ومنظمة OCDE.
سياق الإصلاح وأولوياته
وأوضحت الوزيرة أن المؤسسات العمومية تضطلع بأدوار محورية في قطاعات حيوية مثل الطاقة، النقل، البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية، لكنها مطالَبة اليوم بالاستجابة لتحديات متسارعة ناتجة عن التحولات الاقتصادية والضغوط المالية، مؤكدة أن الأمر يتطلب إعادة النظر في منظومة الحكامة، عبر تجديد النماذج وتحديث أساليب التدبير.
وشددت فتاح على أهمية “النسخة المعدلة من ميثاق الممارسات الجيدة لحكامة المؤسسات والمقاولات العمومية”، الصادرة في الجريدة الرسمية نهاية أبريل 2025، باعتبارها إطارًا تنظيميًا جديدًا يدعم الشفافية والنجاعة والمساءلة، ويعزز العلاقة بين الدولة وهذه المؤسسات.
التزام جماعي لتطوير الحوكمة
الوزيرة نوهت بالدور المحوري لمنظمة OCDE، باعتبارها شريكًا استراتيجيًا يقدم أطرًا مرجعية وآليات تقييم معترف بها دوليًا. كما أكدت على مواصلة العمل لتكييف حكامة المؤسسات العمومية المغربية مع المعايير العالمية، من خلال دعم تقني، تبادل خبرات، وتبني أفضل الممارسات.
في السياق نفسه، أشارت فتاح إلى أن الرؤية الإصلاحية تستند إلى خمس دعائم أساسية: الحياد التنافسي، التحكم في تكلفة المخاطر، ثقافة الأداء، جودة الخدمات، والاستدامة والمسؤولية المجتمعية.
زغنون يعلن تصنيف “GUIDE” لتقييم الحكامة
من جانبه، أعلن عبد اللطيف زغنون، المدير العام لـ ANGSP، عن إطلاق مبادرة وطنية نوعية تتمثل في إحداث تصنيف “GUIDE” (Governance Upgrading Initiative for Development and Excellence)، كإطار مرجعي وطني مستوحى من التجارب والمعايير الدولية، لتقييم أداء المؤسسات والمقاولات العمومية في مجال الحكامة.
وأوضح أن هذا التصنيف يرتكز على أربعة محاور و12 مبدأ عملي، تشكل ميثاقًا مرجعيًا يهدف إلى تحفيز الهيئات العمومية على تحسين مستويات الشفافية، النزاهة، والابتكار الإداري، مع مراعاة خصوصيات كل قطاع.
خطوة تنظيمية حاسمة
وأكد زغنون أن إصدار “ميثاق الحكامة” يمثل تحوّلًا تنظيميًا بالغ الأهمية، يعكس إرادة واضحة لجعل الحكامة الجيدة رافعة مركزية لتحسين أداء القطاع العمومي، وفق التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بإصلاح القطاع العام.
كما شدد على أن تبني المبادئ التوجيهية لمنظمة OCDE يمثل لحظة محورية في هذا المسار، لكنه نبّه إلى أن التحدي الحقيقي يكمن في التطبيق الميداني وتملّك هذه المبادئ من قبل مختلف الفاعلين.
نحو حكامة استراتيجية ومستدامة
واختُتم اللقاء بدعوة صريحة إلى ترسيخ التنسيق بين مختلف الفاعلين، العموميين والدوليين، من أجل بناء نموذج حكامة فعال، متطور، ومتماشٍ مع رهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في أفق جعل المقاولات العمومية ركيزة محورية في تحولات المغرب المستقبلية.