في زيارة رسمية إلى إقليم جرادة يوم الجمعة 30 ماي 2025، أعلنت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، عن حزمة من التدابير الجديدة لإعادة هيكلة النشاط المنجمي بالمنطقة، في إطار مقاربة تنموية جديدة تتسم بالبراغماتية والشمولية، وتهدف إلى تجاوز الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الإقليم.

وأكدت بنعلي، خلال لقاء موسع مع مسؤولي الإقليم، أن هذه التدابير تأتي تنزيلاً للتوجيهات الملكية الداعية إلى اعتماد نموذج تنموي يقوم على العدالة المجالية والاجتماعية، ويعزز قيم الشفافية والنجاعة في تدبير القطاعات الحيوية. وأوضحت أن الوزارة تعتمد في هذا السياق أدوات تشريعية وتنفيذية عملية، تستند إلى الرقمنة، وتحفيز الاستثمار، والاستجابة للتحديات البيئية والاجتماعية، وذلك بالتنسيق مع السلطات المحلية وجميع الفاعلين المعنيين.

ومن بين أبرز الإجراءات المعلن عنها، إطلاق منصة رقمية مخصصة لتسويق الفحم، تُعد أداة مركزية لضبط وتتبع مسار الفحم المستخرج وتعزيز الشفافية في القطاع، إلى جانب الإعداد لأول دليل استثماري خاص بالمجال المنجمي بجهة الشرق، مع تركيز خاص على إقليم جرادة، لتيسير ولوج المستثمرين إلى التمويل وتحفيز الثقة في مناخ الأعمال.

وكشفت الوزيرة عن قرب إصدار مشروع قانون جديد لتعديل القانون رقم 33.13 المتعلق بالمناجم، يهدف إلى تعزيز جاذبية القطاع للاستثمار، ويشمل إجراءات نوعية كرقمنة المساطر، وإحداث سجل منجمي إلكتروني، وإلزامية الافتحاص المهني السنوي، إلى جانب بطاقة مهنية للمنجميين، وتسهيلات في معالجة المواد المنجمية، مع إعطاء الأولوية لتشغيل أبناء المنطقة وفرض مخططات لإغلاق المناجم بشكل يحفظ التوازن البيئي والاجتماعي.

وفي مجال الطاقات المتجددة، تم الإعلان عن توقيع اتفاقية إطار لإنجاز محطة شمسية بقدرة 3 ميغاواط قابلة للتوسيع إلى 10 ميغاواط، لفائدة المتضررين من مرض السيليكوز، بتمويل يبلغ 36.5 مليون درهم، ما سيساهم في تخفيف عبء التكاليف المرتبطة بأجهزة التنفس الاصطناعي. كما تم التذكير بمواصلة تنفيذ مشروع “PERG 2.0” لتعميم الربط الكهربائي باستخدام الطاقات النظيفة.

وخلال اللقاء، تم استعراض التقدم المحرز في عدد من الاتفاقيات التنموية، خاصة الشراكة مع الوكالة المغربية للطاقة المستدامة “مازن”، والتي تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الطاقية وخلق فرص الشغل المستدامة، ضمن مشروع “نور أطلس” الذي يضم محطات شمسية تصل قدرتها إلى 300 ميغاواط، منها 121 ميغاواط بعين بني مطهر، باستثمار إجمالي يناهز 2.7 مليار درهم.

وتشكل هذه المبادرات نموذجًا لمقاربة جديدة في التنمية، تزاوج بين العدالة المجالية، والرقمنة، وحماية البيئة، وفعالية الأداء، بما يعزز دينامية التحول الطاقي والتنمية المستدامة في إقليم جرادة.