مع بداية الصيف.. درعة تافيلالت تودّع أبناءها غرقًا وسط غياب بدائل آمنة للشباب

في كل صيف، تعود المأساة. شباب في عمر الزهور يخرجون بحثًا عن لحظة انتعاش تحت شمس الجنوب الحارقة، فلا يجدون أمامهم سوى وديان و سدود بلا حراسة، فيكون الغرق قدرهم، وتكون الفاجعة قدر أسرهم. وفي الأيام القليلة الأولى فقط من موسم الصيف الجاري، سجلت جهة درعة تافيلالت عددًا مقلقًا من حالات الغرق، معظمها في صفوف شباب يافعين لا يتجاوز عمرهم العقدين.
هذه الحوادث المتكررة تُعيد إلى الواجهة سؤالًا مؤلمًا ومشروعًا: أين يسبح أبناء الجنوب الشرقي؟ وأين هي مسابح مدنهم؟
في ظل ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، خاصة بمناطق ورزازات، زاكورة، تنغير، والرشيدية، يُصبح الهروب نحو الوديان والسدود الحل الوحيد أمام شباب لا يملكون القدرة على ولوج المسابح الخاصة، التي تعرف أسعارًا باهظة لا تناسب القدرة الشرائية للأسر البسيطة. أما المسابح البلدية أو العمومية، فهي إما غائبة بالكامل، أو قليلة العدد ولا تستوعب الكم الهائل من الطلب، ما يدفع بالعديد من الشباب إلى المغامرة بحياتهم في مياه خطرة لا تتوفر على شروط السلامة.
ويُجمع متابعون محليون وناشطون جمعويون على أن هذه الظاهرة ليست قضاءً وقدرًا فحسب، بل هي مشكلة مرتبطة بالبنية التحتية، بتدبير الشأن المحلي، وبالحق البسيط في الترفيه الآمن. فأن تُترك فئة واسعة من شباب الجهة، في عز عطلتهم الصيفية، دون متنفسات مناسبة وآمنة، يعني الحكم عليهم بخيارات قاتلة.
ويطالب كثيرون الجهات الوصية، من مجالس منتخبة ووزارة الشباب والرياضة، بالتحرك العاجل لإحداث مسابح جماعية بأثمنة رمزية، وتجهيز مناطق السباحة الطبيعية بحراس إنقاذ وتسييجها، إلى جانب إطلاق حملات توعية واسعة بخطورة السباحة في الأماكن غير المحروسة.
إن أرواح شباب درعة تافيلالت التي تُزهق كل صيف، ليست مجرد أرقام. هي ناقوس خطر يُقرع كل عام، في انتظار إرادة جادة توقف هذا النزيف الصامت.