تشهد مختلف مناطق المغرب موجة حرارة مرتفعة تهدد بشكل متزايد الموارد المائية السطحية والجوفية، خصوصًا تلك التي تم تجميعها عقب التساقطات المطرية خلال شهري مارس وأبريل الماضيين، مما يدفع نحو المطالبة بإستراتيجية وطنية فعالة للحد من ظاهرة التبخر التي تؤثر سلبًا على الأمن المائي للبلاد.

خبراء في مجالي الماء والبيئة أكدوا أن المغرب يعاني من غياب سياسة واضحة وشاملة لمكافحة تبخر المياه، على عكس العديد من الدول التي بدأت فعليًا في اتخاذ إجراءات لمواجهة هذا التحدي المناخي المتصاعد. ويؤدي استمرار هذا الوضع إلى خسارة نسبة كبيرة من المياه التي يتم تخزينها في السدود والمسطحات المائية عقب كل موسم مطري منتظر.

وفي هذا السياق، أوضح مصطفى بنرامل، الخبير البيئي ورئيس جمعية تعنى بالتنمية والمناخ، أن موجات الحرارة القادمة من جنوب الصحراء الكبرى تؤثر بشكل مباشر على الموارد المائية، مشيرًا إلى أن التبخر يطال مختلف مصادر المياه، بما في ذلك البحيرات والمستنقعات والأودية والسدود، وقد يؤدي إلى ضياع ما يقارب 10% من هذه الموارد في فصل الصيف فقط.

وأضاف بنرامل أن المياه الجوفية لم تسلم بدورها من هذه التأثيرات، حيث يزداد الضغط عليها بسبب ارتفاع الطلب في مجالات الشرب والزراعة والري والأنشطة الفلاحية، محذرًا من تراجع الوعي المجتمعي حول خطورة الوضع وضرورة الترشيد والحفاظ على الماء.

من جانبه، شدد عبد الرحيم الكسيري، المنسق الوطني لإحدى الهيئات البيئية، على أن المغرب يواجه ظاهرة التبخر دون أن يمتلك خطة واضحة للتصدي لها، مشيرًا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة سنة بعد أخرى يعمّق من تأثير هذه الظاهرة، في غياب مخصصات مالية كافية أو رؤية استراتيجية واضحة.

واقترح الكسيري ضرورة الانتقال من الاعتماد الحصري على المشاريع الكبرى إلى اعتماد مشاريع صغرى ومجتمعية تهدف إلى ترشيد استعمال المياه وإشراك المواطنين في هذه المعركة البيئية، معتبرًا أن النجاعة في تدبير الموارد المائية تمر بالأساس عبر سياسات شمولية ومستدامة.

في ظل هذه التحديات، تبرز الحاجة الملحة لوضع خطة وطنية لمواجهة آثار التغير المناخي على الموارد المائية، ترتكز على محاربة التبخر، ترشيد الاستهلاك، وتحقيق العدالة المائية، حفاظًا على الثروات الطبيعية وضمانًا لمستقبل الأجيال المقبلة.