أكد رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش، يوم الثلاثاء بنيويورك، أن إفريقيا، باعتبارها العمق الاستراتيجي والامتداد الطبيعي للمملكة المغربية، تحتل مكانة مركزية في المبادرات الدولية الكبرى التي يطلقها ويرعاها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

وأوضح رئيس الحكومة، في الكلمة التي ألقاها باسم المملكة المغربية خلال المناقشة العامة للدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن جلالة الملك وضع القارة الإفريقية في صميم رؤية استراتيجية متكاملة، غايتها بناء إفريقيا موحدة ومزدهرة، تحترم خصوصياتها وهويتها، وفي الآن ذاته تنفتح على شراكات متوازنة ومنصفة مع المنتظم الدولي.

وأشار السيد أخنوش إلى أن هذا التوجه الملكي يتجسد من خلال مبادرات رائدة، وفي مقدمتها مسار الرباط للدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، باعتباره مشروعا حضاريا يكرس تضامنا جيوسياسيا جديدا، ويتيح تحويل الواجهة الأطلسية الإفريقية إلى فضاء للأمن والاستقرار، حيث يتجسد التقارب الثقافي والإنساني في فرص تنمية اقتصادية واجتماعية ملموسة.

كما أبرز رئيس الحكومة أن مبادرة خط أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، المشروع القاري الاستراتيجي الذي يحظى بمتابعة واهتمام دوليين واسعين، تمثل تجسيدا عمليا للرؤية المتبصرة لجلالة الملك، باعتبارها مشروعا ضخما يستجيب للتحديات الطاقية والاقتصادية والمناخية، ويعزز اندماج القارة في الاقتصاد العالمي.

وفي هذا السياق، شدد السيد أخنوش على أن جلالة الملك ما فتئ يؤكد على ضرورة تحويل إفريقيا لتحدياتها إلى فرص للنمو، وتثمين مواردها ونقاط قوتها من أجل بناء مستقبلها بكامل الثقة والطموح، مضيفا أن القارة تثبت اليوم قدرتها على التجديد والابتكار من خلال مبادرات ومشاريع كبرى تسرع اندماجها في النظام الدولي.

وفي جانب آخر من كلمته، توقف رئيس الحكومة عند تنظيم المملكة المغربية، بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، لنهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030، معتبرا أن هذا الحدث الرياضي العالمي يكرس قدرة المملكة، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، على الانخراط في مشاريع ذات بعد كوني، وتعبئة بنيتها التحتية ورأسمالها البشري لإبراز الوجه المشرق لإفريقيا على الساحة الدولية.

وأكد السيد أخنوش أن هذا العرس الكروي يشكل أداة فاعلة للدبلوماسية الثقافية والإشعاع الدولي، بما يحمله من آثار إيجابية مستدامة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، مشيرا إلى أن المغرب يعتبر الرياضة رافعة للتمكين والاندماج، ورمزا للتعاون الدولي والحوار بين الثقافات.

كما استعرض رئيس الحكومة، في السياق ذاته، أبرز الأوراش التنموية التي أطلقها المغرب في عهد جلالة الملك، خاصة في مجالات الانتقال الطاقي والطاقات المتجددة، مذكرا بالإصلاحات المبتكرة التي اعتمدتها المملكة لمواجهة تحديات ندرة المياه، من قبيل مشاريع تحلية مياه البحر، ونقل المياه بين الأحواض، وإعادة استعمال المياه العادمة، وتشجيع تقنيات الري المقتصد للماء، إلى جانب استكمال سياسة بناء السدود.

أما بخصوص التحولات التكنولوجية العالمية المتسارعة، وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، فقد أشار السيد أخنوش إلى أن المملكة، انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية، وضعت استراتيجية “المغرب الرقمي 2030″، الهادفة إلى تسريع التحول الرقمي وتوظيف هذه التكنولوجيا في مجالات حيوية كالصحة والتعليم والفلاحة، مؤكدا أن الذكاء الاصطناعي ينبغي أن يكون رافعة للتنمية المشتركة، لا أداة للإقصاء أو التفرقة.

وختم رئيس الحكومة كلمته بالتأكيد على أن المملكة المغربية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، ستظل ملتزمة بالعمل مع شركائها الدوليين من أجل مواجهة التحديات العالمية المشتركة، وتعزيز السلم والأمن، وترسيخ قيم التضامن والتعاون من أجل مستقبل أكثر عدلا وازدهارا للبشرية جمعاء.