في إطار الجهود الرامية إلى تطوير منظومة العدالة الجنائية وتعزيز فعاليتها، احتضنت المحكمة الابتدائية بميدلت، يوم الأربعاء، ندوة علمية خصصت لموضوع “تنزيل قانون العقوبات البديلة”، وذلك بحضور ثلة من الفاعلين في المجال القضائي والقانوني والحقوقي.

وشكل هذا اللقاء مناسبة لاستعراض مضامين القانون الجديد المتعلق بالعقوبات البديلة، وأهدافه في تحقيق التوازن بين فعالية العقوبة واحترام الحقوق الأساسية للمحكوم عليه، فضلاً عن كونه أداة قانونية للحد من الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، خاصة بالنسبة للعقوبات السالبة للحرية قصيرة الأمد.

وفي كلمة افتتاحية، أكد رئيس المحكمة الابتدائية بميدلت، الأستاذ طارق طاوسي، أن اعتماد هذا القانون يمثل خطوة متقدمة نحو إرساء عدالة جنائية أكثر نجاعة وإنسانية، تعكس تطور الفكر العقابي بالمغرب، وحرصه على ملاءمة العقوبات مع مبادئ الكرامة وإعادة الإدماج.

من جهته، أبرز وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بميدلت، الأستاذ محمد البكري، أن العقوبات البديلة تجسد إرادة قوية لتجاوز سلبيات السجن القصير المدة، وتوفير آليات أكثر ملاءمة لمعالجة المخالفات والجنح البسيطة، مع التأكيد على ضرورة تكامل الأدوار بين مختلف المتدخلين في العدالة لضمان تنزيل سليم وفعال لهذه المقتضيات.

كما أوضحت الأستاذة خديجة عرجي، نائبة وكيل الملك، أن القانون يحدد أربع آليات بديلة للعقوبة الحبسية، وهي الغرامات اليومية، والعمل لفائدة المنفعة العامة، والتدابير التقييدية أو العلاجية أو التكوينية، والمراقبة الإلكترونية، مشددة على ضرورة مواكبة هذا الورش الكبير بتكوين مستمر وتنسيق مؤسساتي ناجع.

وقد عرفت الندوة سلسلة من المداخلات التي تناولت الجوانب التطبيقية والتحديات العملية المرتبطة بتنفيذ هذا القانون، حيث أجمع المشاركون على أهمية تضافر الجهود لضمان نجاعة هذا الإصلاح، مع ضرورة تطوير البنيات المؤسساتية الداعمة له.

وفي مداخلته، أكد الأستاذ لعيرج، قاضي تنفيذ العقوبات، أن التنزيل الفعلي لهذا الورش الإصلاحي رهين بوجود منظومة متكاملة تضمن التطبيق الرشيد والتقييم المستمر لنتائجه، بما يحقق التوازن بين الردع والإدماج. كما شدد نائب نقيب هيئة المحامين على الدور المحوري الذي يضطلع به المحامون في تفعيل هذه المقتضيات ومواكبة تنفيذها ميدانيا.

وتندرج هذه الندوة في سياق وطني يسعى إلى تحقيق عدالة جنائية أكثر نجاعة وإنصافاً، قوامها الحد من العقوبات السالبة للحرية واعتماد بدائل تراعي البعد التربوي والاجتماعي والاقتصادي للعقوبة.